أصناف القلوب

القلوب سليم ومريض وميت القلب السليم لا ينجوا يوم القيامه إلا من أتى الله به وقد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه من كل شبهة تعارض خبره فسلم من عبودية ما سواه وسلم من تحكيم غير رسوله ويخلص عبوديته لله تعالى أرادة ومحبة وتوكلا وإنابة وخشية ورجاء وخلص عمله لله فإن أحب أحب لله وأن أبغض أبغض به وإن منع منع لله ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الإنقياد والتحكيم لكل من عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعتقد قلبه معه عقدا محكما على الائتمان والإقتداء به وحده والقلب المريض قلب له حياة وبه علة وله مادتين تمده هذه مرة وهذه أخرى وهو لما غلب عليه منهما والقلب فيه محبة الله تعالى والايمان به الاخلاص له والتوكل عليه ولكن فيه من محبة الشهوات إيثارها والحرص على تحصيلها والحسد والكبر والعجب وحب العلو والفساد في الأرض بالرياسة وهو ممتحن بين داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخر وداع يدعوه إلى العاجلة وهو إنما يجيب أقربهما منه بابا وأدناهما إليه جوارا والقلب السليم حي لين واعلسة والقلب المريض فإما إلى السلامة أدنى وإما إلى العطب أدنى والقلب الميت هو الذى لا حياة فيه لأن حياته بمعرفة ربه وهو لا يعرفه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه بل هو واقف مع شهوته وملذاته ولو كان فيها سخط ربه وغضبه فهو لا يبالي إذا فاز بشهوته وحظه رضي ربه أم سخط ومتعبد لغير الله حبا وخوفا ورجاء ورضا وسخطا وتعضيما وذلا أحب أحب لهواه وإن أعطى أعطى لهواه وإن منع منع لهواه وجعل الهوى أمامه والشهوة قائده والجهل سائقه والغفلة مركبه فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمورة وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور ينادي إلى الله وإلى الدار الآخرة من مكان بعيد فلا يستجيب للناصح ويتبع كل شيطان مريد الدنيا تسخطه وترضيه والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه فهو في الدنيا كمن قال في ليلى
عدو لمن عادت وسلم لأهلها ومن قربت ليلى أحب وأقربا
فمخالطة صاحب هذا القلب سقم ومعاشرته سم ومجالسته هلاك وإن نكأ الجرح قد يحي وقد يميت فلعل القلوب تفيق
منقول بتصرف